فصل: بَابُ: التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ

/ﻪـ 
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ

تنبيه‏:‏

شَمِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ ظَالِمًا فَلَهُ تَأْوِيلُهُ‏.‏

أَنَّهُ لو لم يَكُنْ ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا يَنْفَعُهُ تَأْوِيلُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَنْفَعُهُ تَأْوِيلُهُ وَالْحَالَةُ هذه حَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَنْعُ من الْيَمِينِ بِهِ‏.‏

وَيَأْتِي ما يُشْبِهُ هذا قَرِيبًا في التَّعْرِيضِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ ظَالِمًا فَلَهُ تَأْوِيلُهُ فَعَلَى هذا يَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وما ذَكَرْت فُلَانًا أَيْ ما قَطَعْت ذَكَرَهُ وما رَأَيْته أَيْ ما ضَرَبْت رِئَتَهُ وَبِنِسَائِيِّ طَوَالِقُ أَيْ نِسَاؤُهُ الْأَقَارِبُ منه وَبِجَوَارِيَّ أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَبِمَا كَاتَبْت فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَبِمَا عَرَفْته جَعَلْته عَرِيفًا وَلَا أَعْلَمْته أو أَعْلَمَ السَّفَهَ وَلَا سَأَلْته حَاجَةً وَهِيَ الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَلَا أَكَلْت له دَجَاجَةً وَهِيَ الْكُبَّةُ من الْغَزْلِ وَلَا فَرُّوجَةً وَهِيَ الدُّرَّاعَةُ وَلَا في بَيْتِي فِرَاشٌ وَهِيَ الصِّغَارُ من الْإِبِلِ وَلَا حَصِيرٌ وهو الْحَبْسُ وَلَا بَارِيَةٌ وَهِيَ السِّكِّينُ التي يُبْرَى بها وَيَقُولُ وَاَللَّهِ ما أَكَلْت من هذا شيئا وَيَعْنِي بِهِ الْبَاقِي وكذا ما أَخَذْت منه شيئا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِمَّا يَسْبِقُ إلَى فَهْمِ السَّامِعِ خِلَافُهُ إذَا عَنَاهُ بِيَمِينِهِ فَهُوَ تَأْوِيلٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ‏.‏

وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ زِيَادَاتٌ على هذا‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ في الْمُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ كَتَدْلِيسِ الْبَيْعِ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّدْلِيسَ وقال لَا يُعْجِبُنِي‏.‏

وَالْمَنْصُوصُ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مع الْيَمِينِ وَيُقْبَلُ في الْحُكْمِ مع قُرْبِ الِاحْتِمَالِ من الظَّاهِرِ وَلَا يُقْبَلُ مع بُعْدِهِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يَعْنِي سَوَاءً قَرُبَ الِاحْتِمَالُ أو تَوَسَّطَ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في أَوَّلِ بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ وَالزُّبْدَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ‏.‏

الثالثة ‏[‏الثالث‏]‏ قَوْلُهُ فإذا أَكَلَ تَمْرًا فَحَلَفَ لَتُخْبِرِنِّي بِعَدَدِ ما أَكَلْت أو لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى ما أَكَلْت فَإِنَّهَا تُفْرِدُ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا وَتَعُدُّ من وَاحِدٍ إلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ ما أَكَلَ فيه‏.‏

قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وقال وَقِيلَ إنْ نَوَاهُ وَإِلَّا حَنِثَ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ غَالِبَ هذا الْبَابِ مَبْنِيٌّ على التَّخَلُّصِ مِمَّا حَلَفَ عليه بِالْحِيَلِ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْحِيَلَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا وَلَا يَبَرُّ بها‏.‏

وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على مَسَائِلَ‏.‏

من ذلك أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا في نَهَارِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ وَوَطِئَهَا فَنَصُّهُ لَا يُعْجِبُنِي ذلك لِأَنَّهُ حِيلَةٌ‏.‏

وقال أَيْضًا من احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ‏.‏

وَنُقِلَ عنه الْمَيْمُونِيُّ نَحْنُ لَا نَرَى الْحِيلَةَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ‏.‏

فقال له إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ قال لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ على دَرَجَةِ سُلَّمٍ إنْ صَعِدْت أو نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالُوا تُحْمَلُ عنه أو تَنْتَقِلُ عنه إلَى سُلَّمٍ آخَرَ‏.‏

فقال ليس هذا حِيلَةً هذا هو الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ‏.‏

وَقَالُوا إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا فَوَطِئَ على اثْنَيْنِ وإذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَ إلَيْهَا طَائِعًا‏.‏

قال ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ في الْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ منها إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ‏.‏

وقال قال أَصْحَابُنَا لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ وَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ‏.‏

وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَعَنْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ له وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَعَنْ اللَّهُ صَاحِبَ الْمَرَقِ لقد احْتَالَ حتى أَكَلَ‏.‏

وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَطَأَنَّهَا الْيَوْمَ فإذا هِيَ حَائِضٌ أو لَيَسْقِيَنَّ ابْنَهُ خَمْرًا لَا يَفْعَلُ وَتَطْلُقُ فَهَذِهِ نُصُوصُهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ‏.‏

وقد ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ جَوَازَ ذلك‏.‏

وَذَكَرُوا من ذلك مَسَائِلَ كَثِيرَةً مَذْكُورَةً في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَأَعْظَمُهُمْ في ذلك صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ فِيهِمَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بَعْضَهَا‏.‏

قلت الذي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّ ذلك ليس بِمَذْهَبٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مع هذه النُّصُوصِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْحِنْثِ ولم يَرِدْ عنه ما يُخَالِفُهَا وَلَكِنْ ذَكَرَ ذلك بَعْضُ الْأَصْحَابِ‏.‏

فَنَحْنُ نَذْكُرُ شيئا من ذلك حتى لَا يَخْلُو كِتَابُنَا منه في آخِرِ الْبَابِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ‏.‏

فَمِنْ ذلك ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْعُدَنَّ على بَارِيَةٍ في بَيْتِهِ وَلَا يُدْخِلُهُ بَارِيَةً فإنه يُدْخِلُهُ قَصَبًا فَيَنْسِجُهُ فيه‏.‏

قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وقال وَقِيلَ إنْ أَدْخَلَ بَيْتَهُ قَصَبًا لِذَلِكَ فَنُسِجَتْ فيه حَنِثَ وَإِنْ طَرَأَ قَصْدُهُ وَحَلِفُهُ وَالْقَصَبُ فيه فَوَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَطْبُخَنَّ قِدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ منه وَلَا يَجِدُ طَعْمَ الْمِلْحِ فإنه يَسْلُقُ فيه بَيْضًا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا وَلَيَأْكُلَنَّ مِمَّا في هذا الْوِعَاءِ فَوَجَدَهُ بَيْضًا وَتُفَّاحًا فإنه يَعْمَلُ من الْبَيْضِ نَاطِفًا وَمِنْ التُّفَّاحِ شَرَابًا‏.‏

قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَقِيلَ يَحْنَثُ لِلتَّعْيِينِ‏.‏

وَإِنْ كان على سُلَّمٍ فَحَلَفَ لَا صَعِدْت إلَيْك وَلَا نَزَلْت إلَى هذه وَلَا أَقَمْت مَكَانِي سَاعَةً فَلْتَنْزِلْ الْعُلْيَا وَلْتَصْعَدْ السُّفْلَى فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت عليه وَلَا نَزَلْت منه وَلَا صَعِدْت فيه فإنه يَنْتَقِلُ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت في هذا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْت منه فَإِنْ كان جَارِيًا لم يَحْنَثْ إذَا نَوَى ذلك الْمَاءَ بِعَيْنِهِ‏.‏

قَدَّمَهُ الشَّارِحُ وقال هذا الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ حَنِثَ بِقَصْدٍ أو سَبَبٍ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ إنْ كان في مَاءٍ جَارٍ وَلَا نِيَّةَ له لم تَطْلُقْ‏.‏

وَقِيلَ إنْ نَوَى الْمَاءَ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا حَنِثَ كما لو قَصَدَ خُرُوجَهَا من النَّهْرِ أو أَفَادَتْ قَرِينَةٌ‏.‏

قال الْقَاضِي في كِتَابٍ آخَرَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَ الْمَاءِ الذي هِيَ فيه لِأَنَّ إطْلَاقَ يَمِينِهِ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا من النَّهْرِ أو إقَامَتَهَا فيه‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان وَاقِفًا حُمِلَ منه مُكْرَهًا‏.‏

هذا قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ حِيلَةٌ كما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ ما لِفُلَانٍ عِنْدَك وَدِيعَةٌ وكانت ‏[‏كانت‏]‏ له عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فإنه يَعْنِي بِمَا الذي وَيَبَرُّ في يَمِينِهِ‏.‏

وَيَبَرُّ أَيْضًا إذَا نَوَى غير الْوَدِيعَةِ وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ فَإِنْ لم يَتَأَوَّلْ أَثِمَ وهو دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بها وَيُكَفِّرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا بن الزَّاغُونِيِّ وَعَزَّاهُمَا الْحَارِثِيُّ إلَى فَتَاوَى أبي الْخَطَّابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ولم أَرَهُمَا فيها‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَحْدُهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو لم يَحْلِفْ لم يَضْمَنْ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ‏.‏

وَعِنْدَ ابن عقِيلٍ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهُ كَخَوْفِهِ من وُقُوعِ طَلَاقٍ بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عن يَمِينِهِ‏.‏

وفي فَتَاوَى بن الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أو غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وهو تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ له ما فُلَانٌ ها هنا‏.‏

وعنى مَوْضِعًا مُعَيَّنًا بَرَّ في يَمِينِهِ‏.‏

وقد فَعَلَ هذا الْمَرُّوذِيُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فلم يُنْكِرْ عليه بَلْ تَبَسَّمَ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ على امْرَأَتِهِ لَا سَرَقْت مِنِّي شيئا فَخَانَتْهُ في وَدِيعَةٍ لم يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ بِقَصْدٍ أو سَبَبٍ‏.‏

فوائد‏:‏

مِمَّا ذَكَرَ ها ‏[‏ههنا‏]‏ هنا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ زِيَادَةً على ما تَقَدَّمَ لو كان في فَمِهَا رُطَبَةٌ فقال إنْ أَكَلْتِيهَا أو أَلْقَيْتِيهَا أو أَمْسَكْتِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَأْكُلُ بَعْضَهَا وَتَرْمِي الْبَاقِيَ وَلَا تَطْلُقُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِنَاءً على من حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَ بَعْضَهُ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَتَصْدُقَنَّ هل سَرَقْت مِنِّي أَمْ لَا وَكَانَتْ قد سَرَقَتْ فقالت سَرَقْت مِنْك ما سَرَقْت مِنْك لم تَطْلُقْ‏.‏

فَإِنْ قال إنْ قُلْتِ لي شيئا ولم أَقُلْ لَك مثله فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أَنْتِ طَالِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ فقال مِثْلُهَا وَعَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يَتَعَذَّرُ لم تَطْلُقُ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك إذَا كَسَرَ التَّاءَ أو فَتَحَهَا أو ما أَشْبَهَ ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ ذلك‏.‏

وَإِنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ إنْ سَأَلْتِينِي الْخُلْعَ ولم أَخْلَعْك عَقِبَ سُؤَالِك فقالت عَبْدِي حُرٌّ إنْ لم أَسْأَلْك الْخُلْعَ الْيَوْمَ‏.‏

فَخَلَاصُهَا أَنْ تَسْأَلَهُ الْخُلْعَ في الْيَوْمِ فيقول الزَّوْجُ قد خَلَعْتُك على ما بَذَلْت إنْ فَعَلْت الْيَوْمَ كَذَا فَتَقُولُ الزَّوْجَةُ قد قَبِلْت وَلَا تَفْعَلُ هِيَ ما عَلَّقَ خَلْعَهَا على فِعْلِهِ فَقَدْ بَرَّ في يَمِينِهِ‏.‏

وَإِنْ اشْتَرَى خِمَارَيْنِ وَلَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَحَلَفَ لَتَخْتَمِرَنَّ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِشْرِينَ يَوْمًا من الشَّهْرِ اخْتَمَرَتْ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَخَذَتْهُ الصُّغْرَى من الْكُبْرَى إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَاخْتَمَرَتْ الْكُبْرَى بِخِمَارِ الْوُسْطَى بَعْدَ الْعِشْرِينَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَكَذَا رُكُوبُهُنَّ لِبَغْلَيْنِ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ لَيَقْسِمَنَّ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثِينَ قَارُورَةً عشرة ‏[‏عشرا‏]‏ مَمْلُوءَةً وعشرة ‏[‏وعشرا‏]‏ فَارِغَةً وعشرة ‏[‏وعشرا‏]‏ مُنَصَّفَةً قَلَبَ كُلَّ مُنَصَّفَةٍ في أُخْرَى فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَةٌ مَمْلُوءَةٌ وَخَمْسَةٌ فَارِغَةٌ‏.‏

فَإِنْ كان له ثَلَاثُونَ نَعْجَةً عَشْرٌ نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ سَخْلَاتٍ وَعَشْرٌ نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَخْلَتَيْنِ وَعَشْرٌ نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَخْلَةً ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْسِمَنَّهَا بَيْنَهُنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثُونَ رَأْسًا من غَيْرِ أَنْ يُفَرِّقَ بين شَيْءٍ من السِّخَالِ وَأُمَّهَاتِهِنَّ فإنه يُعْطِي إحْدَاهُنَّ الْعَشْرَ التي نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَخْلَتَيْنِ وَيَقْسِمُ بين الزَّوْجَتَيْنِ ما بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسٌ مِمَّا نِتَاجُهَا ثَلَاثٌ وَخَمْسٌ مِمَّا نِتَاجُهَا وَاحِدَةٌ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَا شَرِبْت هذا الْمَاءَ وَلَا أَرَقْتِيهِ وَلَا تَرَكْتِيهِ في الْإِنَاءِ وَلَا فَعَلَ ذلك غَيْرُك فإذا طَرَحَتْ في الْإِنَاءِ ثَوْبًا فَشَرِبَ الْمَاءَ ثُمَّ جَفَّفَتْهُ بِالشَّمْسِ لم يَحْنَثْ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَتَقْسِمَنَّ هذا الدُّهْنَ نِصْفَيْنِ وَلَا تَسْتَعِيرُ كَيْلًا وَلَا مِيزَانًا وهو ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ في ظَرْفٍ وَمَعَهُ آخَرُ يَسْعَ خَمْسَةً وَآخَرُ يَسْعَ ثَلَاثَةً أَخَذَ بِظَرْفِ الثَّلَاثَةِ مَرَّتَيْنِ وَأَلْقَاهُ في ظَرْفِ الْخَمْسَةِ وَتَرَكَ الْخَمْسَةَ في ظَرْفِ الثَّمَانِيَةِ وما بَقِيَ في الثُّلَاثِيِّ يَضَعُهُ في الْخُمَاسِيِّ ثُمَّ مَلَأَ الثُّلَاثِيَّ من الثُّمَانِيِّ وَأَلْقَاهُ في الْخُمَاسِيِّ فَيَصِيرُ فيه أَرْبَعَةٌ وفي الثُّمَانِيِّ أَرْبَعَةٌ‏.‏

وَإِنْ وَرَدَ الشَّطَّ أَرْبَعَةٌ فَأَكْثَرَ مَعَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَالسَّفِينَةُ لَا تَسَعُ غير اثْنَيْنِ فَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا رَكِبَتْ زَوْجَتُهُ مع رَجُلٍ فَأَكْثَرَ إلَّا وأنا مَعَهَا فإنه يَعْبُرُ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ ثُمَّ يَصْعَدُ زَوْجُهَا وَتَعُودُ هِيَ فَتَعْبُرُ أُخْرَى وَتَصْعَدُ الْأُولَى إلَى زَوْجِهَا وَتَعُودُ الثَّانِيَةُ فَتَعْبُرُ بِزَوْجِهَا فَيَصْعَدُ وَتَعُودُ امْرَأَتُهُ فَتَعْبُرُ الثَّالِثَةُ وَتَصْعَدُ هِيَ إلَى زَوْجِهَا وَتَعُودُ الثَّالِثَةُ فَيَعْبُرُ زَوْجُهَا فَيَصْعَدُ هو وَتَعُودُ هِيَ فَتَعْبُرُ الرَّابِعَةُ وَتَصْعَدُ الثَّالِثَةُ إلَى زَوْجِهَا وَتَعُودُ الرَّابِعَةُ فَيَعْبُرُ زَوْجُهَا فَيَصْعَدَانِ مَعًا‏.‏

وَعَلَى هذه الطَّرِيقَةِ يَتَخَلَّصُونَ وَلَوْ كَانُوا أَلْفًا‏.‏

وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا قَرُبْت جَانِبَ النَّهْرِ وَفِيهِ رَجُلٌ إلَّا وأنا مَعَك فَتَعْبُرُ امْرَأَتَانِ فَتَصْعَدُ إحْدَاهُمَا وَتَرْجِعُ الْأُخْرَى فَتَأْخُذُ الثَّالِثَةُ وَتَرْجِعُ‏.‏

إلَى زَوْجِهَا وَيَنْزِلُ زَوْجَا الْمَرْأَتَيْنِ فَيَصْعَدَانِ إلَيْهِمَا وَيَنْزِلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ فَيَعْبُرَانِ فَتَصْعَدُ امْرَأَتُهُ وَيَنْزِلُ الرَّجُلُ مع الرَّجُلِ فَيَعْبُرَانِ وَتَنْزِلُ الْمَرْأَةُ الثَّالِثَةُ فَتَعْبُرُ بِالْمَرْأَتَيْنِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَيَصْعَدْنَ الثَّلَاثُ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَلَا تُتَصَوَّرُ هذه الطَّرِيقَةُ في أَكْثَرَ من ثَلَاثَةٍ‏.‏

فَإِنْ قال فَإِنْ وَلَدْت وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ أو أُنْثَيَيْنِ أو حَيَّيْنِ أو مَيِّتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ فلم تَطْلُقْ فَقَدْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى حَيًّا وَمَيِّتًا‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَا يُقِرُّ على سَارِقٍ وَسُئِلَ عن قَوْمٍ فقال لَا وَسُئِلَ عن خَصْمِهِ فَسَكَتَ وَعَلِمَ بِهِ لم يَحْنَثْ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَقِيلَ يَحْنَثُ إنْ سَأَلَهُ الْوَالِي عن قَوْمٍ هو فِيهِمْ فَبَرَّأَهُمْ وَسَكَتَ يُرِيدُ التَّنْبِيهَ عليه إلَّا أَنْ يُرِيدَ حَقِيقَةَ النُّطْقِ وَالْغَمْزِ‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ على زَوْجَتِهِ في شَعْبَانَ بِالثَّلَاثِ أَنْ يُجَامِعَهَا في نَهَارِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَدَخَلَ رَمَضَانُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ بها‏.‏

قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْعَلَّامَةُ ابن القيم في أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ‏.‏

فَإِنْ حَاضَتْ وطىء وَكَفَّرَ بِدِينَارٍ أو نِصْفِ دِينَارٍ على ما تَقَدَّمَ في بَاب الْحَيْضِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ وَيُطَلِّقُ وهو الصَّوَابُ‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنِّي أُحِبُّ الْفِتْنَةَ وَأَكْرَهُ الْحَقَّ وَأَشْهَدُ بِمَا لم تَرَهُ عَيْنِي وَلَا أَخَافُ من اللَّهِ وَلَا من رَسُولِهِ وأنا عَدْلٌ مُؤْمِنٌ مع ذلك لم يَقَعْ الطَّلَاقُ فَهَذَا رَجُلٌ يُحِبُّ الْمَالَ وَالْوَلَدَ قال اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أنما أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ‏}‏ وَيَكْرَهُ الْمَوْتُ وهو حَقٌّ وَيَشْهَدُ بِالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَلَا يَخَافُ من اللَّهِ وَلَا من رَسُولِهِ الظُّلْمَ وَالْجَوْرَ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ أَنَّ امْرَأَتَهُ بَعَثَتْ إلَيْهِ فقالت قد حَرُمْت عَلَيْك وَتَزَوَّجْت بِغَيْرِك وَأَوْجَبْت عَلَيْك أَنْ تَنْفُذَ إلَيَّ بِنَفَقَتِي وَنَفَقَةِ زَوْجِي وَتَكُونُ على الْحَقِّ في جَمِيعِ ذلك‏.‏

فَهَذِهِ امْرَأَةٌ زَوَّجَهَا أَبُوهَا من مملوكه ‏[‏مملوك‏]‏ ثُمَّ بَعَثَ الْمَمْلُوكَ في تِجَارَةٍ وَمَاتَ الْأَبُ فإن الْبِنْتَ تَرِثُهُ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَتَقْضِي الْعِدَّةَ وَتَتَزَوَّجُ بِرَجُلٍ فَتَنْفُذُ إلَيْهِ ابْعَثْ لي من الْمَالِ الذي مَعَك فَهُوَ لي‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ‏.‏

فَإِنْ كان له زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا في الْغُرْفَةِ وَالْأُخْرَى في الدَّارِ فَصَعِدَ في الدَّرَجَةِ فقالت كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَيَّ فَحَلَفَ لَا صَعِدْت إلَيْك وَلَا نَزَلْت إلَيْك وَلَا أَقَمْت مَقَامِي سَاعَتِي فإن التي في الدَّارِ تَصْعَدُ وَاَلَّتِي في الْغُرْفَةِ تَنْزِلُ وَلَهُ أَنْ يَصْعَدَ وَيَنْزِلَ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ على زَوْجَتِهِ لَا لَبِسْت هذا الْقَمِيصَ وَلَا وَطِئْتُك إلَّا فيه فَلَبِسَهُ وَوَطِئَهَا لم يَحْنَثْ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَيُجَامِعَنَّهَا على رَأْسِ رُمْحٍ فَنَقَبَ السَّقْفَ فَانْفَرَجَ منه رَأْسُ الرُّمْحِ يَسِيرًا وَجَامَعَهَا عليه بَرَّ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ لَتُخْبِرَنَّهُ بِشَيْءٍ رَأْسُهُ في عَذَابٍ وَأَسْفَلُهُ في شَرَابٍ وَوَسَطُهُ في طَعَامٍ وَحَوْلُهُ سَلَاسِلُ وَأَغْلَالٌ وَحَبْسُهُ في بَيْتٍ صَغُرَ فَهُوَ فَتِيلَةُ الْقِنْدِيلِ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ يَطَأُ في يَوْمٍ وَلَا يَغْتَسِلُ فيه مع قُدْرَتِهِ على اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَلَا تَفُوتُهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ مع الْإِمَامِ فإنه يُصَلِّي معه الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَيَطَأُ بَعْدَهَا وَيَغْتَسِلُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُصَلِّي معه‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ في يَوْمٍ إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عليه خَمْسَةَ عَشْرَ رَكْعَةً وَصَدَقَ فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ‏.‏

وَإِنْ قال تِسْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ يَوْمُ عِيدٍ إنْ وَجَبَتْ صَلَاتُهُ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ بَاعَ تَمْرًا كُلَّ رِطْلٍ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَتِبْنًا كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَزَبِيبًا كُلَّ رِطْلٍ بِثَلَاثَةٍ فَبَلَغَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالْوَزْنُ عِشْرُونَ رِطْلًا وَبَرَّ فَالتَّمْرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رِطْلًا والتين ‏[‏والتبن‏]‏ خَمْسَةٌ وَالزَّبِيبُ رِطْلٌ‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ أَنِّي رَأَيْت رَجُلًا يُصَلِّي إمَامًا بِنَفْسَيْنِ وهو صَائِمٌ ثُمَّ الْتَفَتَ عن يَمِينِهِ فَنَظَرَ إلَى قَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ فَحُرِّمَتْ عليه امْرَأَتُهُ وَبَطَلَ صَوْمُهُ وَصَلَاتُهُ وَوَجَبَ جَلْدُ الْمَأْمُومِينَ وَنَقْضُ الْمَسْجِدِ وهو صَادِقٌ‏.‏

فَهَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ قد غَابَ عنها زَوْجُهَا وَشَهِدَ الْمَأْمُومَانِ بِوَفَاتِهِ وَأَنَّهُ وَصَّى بِدَارِهِ أَنْ تُجْعَلَ مَسْجِدًا وكان على طَهَارَةٍ صَائِمًا فَالْتَفَتَ فرأى زَوْجَ الْمَرْأَةِ قد قَدِمَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ قد خَرَجَ يَوْمُ الصَّوْمِ وَدَخَلَ يَوْمُ الْعِيدِ وهو لم يَعْلَمْ بِأَنَّ هِلَالَ شَوَّالٍ قد رُئِيَ وَرُئِيَ على ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ أو كان مُتَيَمِّمًا فَرَأَى الْمَاءَ بِقُرْبِهِ فإن الْمَرْأَةَ تَحْرُمُ بِقُدُومِ الزَّوْجِ وَصَوْمُهُ يَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَصَلَاتُهُ تَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَالنَّجَاسَةِ وَيُجْلَدُ الرَّجُلَانِ لِكَوْنِهِمَا قد شَهِدَا بِالزُّورِ وَيَجِبُ نَقْضُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ ما صَحَّتْ وَالدَّارُ لِمَالِكِهَا‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ على زَوْجَتِهِ لَا أَبْصَرْتُك إلَّا وَأَنْتَ لَابِسَةٌ عَارِيَّةٌ حَافِيَةٌ رَاجِلَةٌ رَاكِبَةٌ فَأَبْصَرَهَا ولم تَطْلُقْ فَإِنَّهَا تَجِيئُهُ بِاللَّيْلِ عُرْيَانَةَ حَافِيَةً رَاكِبَةً في سَفِينَةٍ فإن اللَّهَ تَعَالَى قال‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏ارْكَبُوا فيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا‏}‏‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ رَأَى ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أَحَدُهُمْ عَبْدٌ وَالْآخَرُ مَوْلًى وَالْآخَرُ عَرَبِيٌّ وَبَرَّ فإن رَجُلًا تَزَوَّجَ أَمَةً فَأَتَتْ بِابْنٍ فَهُوَ عَبْدٌ ثُمَّ كُوتِبَتْ فَأَدَّتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِابْنِ فَتَبِعَهَا في الْعِتْقِ فَهُوَ مَوْلًى ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ الْأَدَاءِ ابْنًا فَهُوَ عَرَبِيٌّ‏.‏

وَإِنْ حَلَفَ أَنَّ خَمْسَةً زَنَوْا بِامْرَأَةٍ لَزِمَ الْأَوَّلَ الْقَتْلُ وَالثَّانِيَ الرَّجْمُ وَالثَّالِثَ الْجَلْدُ وَالرَّابِعَ نِصْفُ الْجَلْدِ ولم يَلْزَمْ الْخَامِسَ شَيْءٌ وَبَرَّ في يَمِينِهِ فَالْأَوَّلُ ذِمِّيٌّ وَالثَّانِي مُحْصَنٌ وَالثَّالِثُ بِكْرٌ وَالرَّابِعُ عَبْدٌ وَالْخَامِسُ حَرْبِيٌّ‏.‏

فوائد‏:‏

في الْمَخَارِجِ من مَضَايِقِ الْأَيْمَانِ وما يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ حَالَ عَقْدِ الْيَمِينِ وما يَتَخَلَّصُ بِهِ من الْمَأْثَمِ وَالْحِنْثِ‏.‏

إذَا أَرَادَ تَخْوِيفَ زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ إنْ خَرَجَتْ من دَارِهَا فقال لها أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ خَرَجْت من الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي وَنَوَى بِقَلْبِهِ طَالِقٌ من وَثَاقٍ أو من الْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ كَالْخِيَاطَةِ وَالْغَزْلِ أو التَّطْرِيزِ وَنَوَى بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

فَإِنْ خَرَجَتْ لم تَطْلُقْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا في الْحُكْمِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قلت الصَّوَابُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لِأَنَّ هذا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ‏.‏

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا نَوَى بِقَوْلِهِ طَالِقٌ الطَّالِقُ من الْإِبِلِ وَهِيَ النَّاقَةُ التي يُطْلِقُهَا الرَّاعِي وَحْدَهَا أَوَّلَ الْإِبِلِ إلَى الْمَرْعَى وَيَحْبِسُ لَبَنَهَا وَلَا يَحْلُبُهَا إلَّا عِنْدَ الْوُرُودِ أو نَوَى بِالطَّالِقِ النَّاقَةَ التي يَحِلُّ عِقَالُهَا‏.‏

وَكَذَا إنْ نَوَى إنْ خَرَجَتْ ذلك الْيَوْمَ أو إنْ خَرَجَتْ وَعَلَيْهَا ثِيَابُ خَزٍّ أو إبْرَيْسِمَ أو غَيْرُ ذلك وَإِنْ خَرَجَتْ عُرْيَانَةَ أو رَاكِبَةً بَغْلًا أو حِمَارًا أو إنْ خَرَجَتْ لَيْلًا أو نَهَارًا فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَمَتَى خَرَجَتْ على غَيْرِ الصِّفَةِ التي نَوَاهَا لم يَحْنَثْ‏.‏

وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَبِسْت وَنَوَى ثَوْبًا دُونَ ثَوْبٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ كانت يَمِينُهُ بِعَتَاقٍ‏.‏

وَكَذَا إنْ وَضَعَ يَدَهُ على ضَفِيرَةِ شَعْرِهَا وقال أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُخَاطَبَةَ الضَّفِيرَةِ أو وَضَعَ يَدَهُ على شَعْرِ عَبْدِهِ وقال أنت حُرٌّ وَنَوَى مُخَاطَبَةَ الشَّعْرِ‏.‏

أو إنْ خَرَجْت من الدَّارِ أو إنْ سَرَقْت مِنِّي أو إنْ خُنْتِينِي في مَالٍ أو إنْ أَفْشَيْت سِرِّي أو غير ذلك مِمَّا يُرِيدُ مَنَعَهَا منه فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ أَرَادَ ظَالِمٌ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِطَلَاقٍ أو عَتَاقٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ ما يَجُوزُ له فِعْلُهُ أو أَنْ يَفْعَلَ ما لَا يَجُوزُ له فِعْلُهُ أو أَنَّهُ لم يَفْعَلْ كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ فَحَلَفَ وَنَوَى شيئا مِمَّا ذَكَرْنَا لم يَحْنَثْ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال له قُلْ زَوْجَتِي أو كُلُّ زَوْجَةٍ لي طَالِقٌ إنْ فَعَلَتْ كَذَا أو إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا أو إنْ لم أَفْعَلْ كَذَا فقال وَنَوَى زَوْجَتَهُ الْعَمْيَاءَ أو الْيَهُودِيَّةَ أو كُلَّ زَوْجَةٍ له عَمْيَاءَ أو يَهُودِيَّةٍ أو نَصْرَانِيَّةٍ أو عَوْرَاءَ أو خَرْسَاءَ أو حَبَشِيَّةٍ أو رُومِيَّةٍ أو مَكِّيَّةً أو مَدَنِيَّةٍ أو خُرَاسَانِيَّةٍ أو نَوَى كُلَّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا بِالصِّينِ أو بِالْبَصْرَةِ أو بِغَيْرِهَا من الْمَوَاضِعِ فَمَتَى لم يَكُنْ له زَوْجَةٌ على الصِّفَةِ التي نَوَاهَا وكان له زَوْجَاتٌ على غَيْرِهَا من الصِّفَاتِ لم يَحْنَثْ‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ الْعَتَاقِ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ قال نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَنَوَى بِنِسَائِهِ بَنَاتِهِ أو عَمَّاتِهِ أو خَالَاتِهِ لِلْآيَةِ على ما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا وَنَوَى إنْ كُنْت فَعَلْته بِالصِّينِ وَنَحْوِهِ من الْأَمَاكِنِ التي لم يَفْعَلْهُ فيها لم يَحْنَثْ‏.‏

فَإِنْ أَحْلَفَهُ مع الطَّلَاقِ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ ما يَمْلِكُ فَحَلَفَ وَنَوَى جِنْسًا من الْأَمْوَالِ ليس في مِلْكِهِ منه شَيْءٌ لم يَحْنَثْ‏.‏

وَكَذَا إنْ أَحْلَفَهُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الذي بِمَكَّةَ فقال عليه الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الذي بِمَكَّةَ وَنَوَى بِقَوْلِهِ بَيْتُ اللَّهِ مَسْجِدَ الْجَامِعِ وَبِقَوْلِهِ الْحَرَامِ الذي بِمَكَّةَ الْمُحْرِمَ الذي بِمَكَّةَ لِحَجٍّ أو عَمْرَةٍ ثُمَّ وَصَلَهُ بِقَوْلِهِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ‏.‏

فَإِنْ ابْتَدَأَ إحْلَافَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فقال له قُلْ وَاَللَّهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ هو‏.‏

اللَّهُ الذي لَا إلَهَ إلَّا هو وَيُدْغِمُ الْهَاءَ في الْوَاوِ حتى لَا يَفْهَمَ مُحَلِّفُهُ ذلك‏.‏

فَإِنْ قال له الْمُحَلِّفُ أنا أَحْلِفُك بِمَا أُرِيدُ وَقُلْ أنت نعم كُلَّمَا ذَكَرْت أنا فَصْلًا وَوَقَفْت فَقُلْ أنت نعم وَكَتَبَ له نُسْخَةَ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وصدقه جَمِيعِ ما يَمْلِكُهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ نعم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَلَا يَحْنَثُ‏.‏

فَإِنْ قال له الْيَمِينُ التي أُحَلِّفُك بها لَازِمَةٌ لَك قُلْ نعم أو قال له قُلْ الْيَمِينُ التي تُحَلِّفُنِي بها لَازِمَةٌ لي فقال وَنَوَى بِالْيَمِينِ يَدَهُ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال له أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لَك أو قال له قُلْ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لي فقال وَنَوَى بِالْأَيْمَانِ الْأَيْدِي التي تَنْبَسِطُ عِنْدَ أَخْذِ الْأَيْدِي وَيُصَفِّقُ بَعْضُهَا على بَعْضٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال له وَالْيَمِينُ يَمِينِي وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك فقال وَنَوَى بِيَمِينِهِ يَدَهُ وَبِالنِّيَّةِ الْبِضْعَةَ من اللَّحْمِ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

فَإِنْ قال له قُلْ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي‏.‏

فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالظَّهْرِ ما يُرْكَبُ من الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْإِبِلِ فإذا نَوَى ذلك لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ إبْطَالِ الْحِيَلِ وقال هذا من الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ‏.‏

قال وَكَذَلِكَ إنْ قال له قُلْ فَأَنَا مُظَاهِرٌ من زَوْجَتِي فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ مُظَاهِرٌ مُفَاعِلٌ من ظَهْرِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يقول ظَاهَرْتهَا فَنَظَرْت أَيَّنَا أَشَدَّ ظَهْرًا قال وَالْمُظَاهِرُ أَيْضًا الذي قد لَبِسَ حَرِيرَةً بين دِرْعَيْنِ وَثَوْبًا بين ثَوْبَيْنِ فَأَيَّ ذلك نَوَى فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

فَإِنْ قال له قُلْ وَإِلَّا فَقَعِيدَةُ بَيْتِي التي يَجُوزُ عليها أَمْرِي طَالِقٌ أو هِيَ حَرَامٌ فقال وَنَوَى بِالْقَعِيدَةِ نَسِيجَةً تُنْسَجُ كَهَيْئَةِ العبية ‏[‏العباءة‏]‏ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

فَإِنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَمَالِي على الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ مَالَهُ على الْمَسَاكِينِ من دَيْنٍ وَلَا دَيْنَ عليهم فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ‏.‏

فَإِنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لي حُرٌّ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْمَمْلُوكِ الدَّقِيقِ الْمَلْتُوتِ بِالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ‏.‏

فَإِنْ قال قُلْ فَكُلُّ عَبْدٍ لي حُرٌّ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْحُرِّ غَيْرِ ضِدِّ الْعَبْدِ وَذَلِكَ أَشْيَاءُ فَالْحُرُّ اسْمٌ لِلْحَيَّةِ الذَّكَرِ وَالْحُرُّ أَيْضًا الْفِعْلُ الْجَمِيلُ وَالْحُرُّ أَيْضًا من الرَّمْلِ الذي ما وطىء‏.‏

فَإِنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَكُلُّ جَارِيَةٍ لي حُرَّةٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ وَالْجَارِيَةُ أَيْضًا الْعَادَةُ التي جَرَتْ فَأَيُّ ذلك نَوَى فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى بِالْحُرَّةِ الْأُذُنَ فَإِنَّهَا تُسَمَّى حُرَّةً وَالْحُرَّةُ أَيْضًا السَّحَابَةُ الْكَثِيرَةُ الْمَطَرِ وَالْحُرَّةُ أَيْضًا الْكَرِيمَةُ من النُّوقِ فَأَيُّ ذلك نَوَى فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ فقال وَنَوَى بِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ قال له قُلْ وَإِلَّا فَجَوَارِيَّ حَرَائِرُ فقال وَنَوَى بِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ الْأَيَّامَ تُسَمَّى حَرَائِرَ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ قال قُلْ كُلُّ شَيْءٍ في مِلْكِي صَدَقَةٌ فقال وَنَوَى بِالْمِلْكِ مَحَجَّةَ الطَّرِيقِ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ جَمِيعُ ما أَمْلِكُهُ من عَقَارٍ وَدَارٍ وَضَيْعَةٍ فَهُوَ وَقْفٌ على الْمَسَاكِينِ فقال وَنَوَى بِالْوَقْفِ السِّوَارَ من الْعَاجِ فَلَهُ نية ‏[‏نيته‏]‏‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَعَلَيَّ الْحَجُّ فقال وَنَوَى بِالْحَجِّ أَخْذَ الطَّبِيبِ ما حَوْلَ الشَّجَّةِ من الشَّعْرِ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فقال وَنَوَى بِالْحَجَّةِ الْقُصَّةَ‏.‏

من الشَّعْرِ الذي حَوْلَ الشَّجَّةِ وَنَوَى بِالْعُمْرَةِ أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ في بَيْتِ أَهْلِهَا فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ ذلك يُسَمَّى مُعْتَمِرًا‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فعلى حِجَّةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَنَوَى بها شَحْمَةَ الْأُذُنِ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَلَا قَبِلَ اللَّهُ منه صَوْمًا وَلَا صَلَاةً فقال وَنَوَى بِالصَّوْمِ ذَرْقَ النَّعَامِ أو النَّوْعَ من الشَّجَرِ وَنَوَى بِالصَّلَاةِ بَيْتًا لِأَهْلِ الْكِتَابِ يُصَلُّونَ فيه فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فما صَلَّيْت لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فقال وَنَوَى بِقَوْلِهِ صَلَّيْت أَيْ أَخَذْت بَصَلِيِّ الْفَرَسِ وهو ما اتَّصَلَ بِخَاصِرَتِهِ إلَى فَخِذَيْهِ أو نَوَى بِصَلَّيْتُ أَيْ شَوَيْت شيئا في النَّارِ فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

قلت أو يَنْوِي بِ ما النَّافِيَةِ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَأَنَا كَافِرٌ بِكَذَا وَكَذَا فقال وَنَوَى بِالْكَافِرِ الْمُسْتَتَرِ المتغطي أو السَّاتِرِ المغطى فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

فَوَائِدُ في الْأَيْمَانِ التي يَسْتَحْلِفُ بها النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ‏.‏

إذَا اسْتَحْلَفَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عليها فَحَلَفَ وَنَوَى شيئا مِمَّا ذَكَرْنَا أَوَّلًا فَلَهُ نِيَّتُهُ‏.‏

فَإِنْ أَرَادَتْ إحْلَافَهُ بِطَلَاقِ كل امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عليها أو إنْ تَزَوَّجَ عليها فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَقُلْنَا يَصِحُّ على رِوَايَةٍ تَقَدَّمَتْ‏.‏

أو أَرَادَتْ إحْلَافَهُ بِعِتْقِ كل جَارِيَةٍ يَشْتَرِيهَا عليها وَقُلْنَا يَصِحُّ على رَأْيٍ‏.‏

فإذا قال كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك وَكُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا وَنَوَى جِنْسًا من الْأَجْنَاسِ أو من بَلَدٍ بِعَيْنِهِ أو نَوَى أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا أو ثَمَنُ الْجَارِيَةِ نَوْعًا من أَنْوَاعِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ فَمَتَى تَزَوَّجَ أو اشْتَرَى بِغَيْرِ الصِّفَةِ التي نَوَاهَا لم يَحْنَثْ‏.‏

وَكَذَا إنْ نَوَى كُلَّ زَوْجَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك أَيْ على طَلَاقِك أو نَوَى بِقَوْلِهِ عَلَيْك أَيْ على رَقَبَتِك أَيْ تَكُونُ رَقَبَتُك صَدَاقًا لها فَلَهُ نِيَّتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُقْبَلُ في الْحُكْم لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ‏.‏

ذَكَرَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ إبْطَالِ الْحِيَلِ‏.‏

فَإِنْ أَحَلَفْته بِطَلَاقِ كل امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا غَيْرَهَا ولم يَكُنْ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا فَأَيُّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذلك وَوَطِئَهَا لَا تَطْلُقُ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ قال كُلُّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا حُرَّةٌ ولم يَكُنْ في مِلْكِهِ جَارِيَةٌ ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ سَوَاءٌ قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ قبل الْمِلْكِ أو لَا يَصِحُّ لِأَنَّ هذه يَمِينٌ في غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا مُضَافَةٌ إلَى مِلْكٍ فَلَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لم يَقُلْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَطَؤُهَا أو كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَأَطَؤُهَا‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وقد ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا قال لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَتْ دَارِهِ أنها لَا تَطْلُقُ‏.‏

وَكَذَا إنْ قال لِأَمَةِ غَيْرِهِ إنَّ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَضَرَبَهَا فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ‏.‏

فَأَمَّا إنْ كان له وَقْتَ الْيَمِينِ زَوْجَاتٌ أو جَوَارٍ وَقَالَتْ له قُلْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَطَؤُهَا غَيْرَك طَالِقٌ أو حُرَّةٌ وقال ذلك من غَيْرِ نِيَّةٍ فَأَيُّ زَوْجَةٍ وطىء غَيْرَهَا مِنْهُنَّ طَلُقَتْ وَأَيُّ جَارِيَةٍ وَطِئَهَا مِنْهُنَّ عَتَقَتْ‏.‏

فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ كُلَّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا وَكُلَّ امْرَأَةٍ أَطَؤُهَا غَيْرَك بِرِجْلِي يَعْنِي يَطَؤُهَا بِرِجْلِهِ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِجِمَاعِ غَيْرِهَا زَوْجَةً كانت أو سُرِّيَّةً‏.‏

فَإِنْ أَرَادَتْ امْرَأَتُهُ الْإِشْهَادَ عليه بِهَذِهِ الْيَمِينِ التي يَحْلِفُ بها في جَوَارِيهِ وَخَافَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يُصَدِّقُهُ فِيمَا نَوَاهُ‏.‏

فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ جَوَارِيهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيُشْهِدُ على بَيْعِهِنَّ شُهُودًا عُدُولًا من حَيْثُ لَا تَعْلَمُ الزَّوْجَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذلك يَحْلِفُ بِعِتْقِ كل جَارِيَةٍ يَطَؤُهَا مِنْهُنَّ فَيَحْلِفُ وَلَيْسَ في مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ وَيُشْهِدُ على وَقْتِ الْيَمِينِ شُهُودَ الْبَيْعِ لِيَشْهَدُوا له بِالْحَالَيْنِ جميعا‏.‏

فَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُمْ وَأَرَّخَ الْوَقْتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا من الْفَصْلِ ما يَتَمَيَّزُ كُلُّ وَقْتٍ مِنْهُمَا عن الْآخَرِ كَفَاهُ ذلك ثُمَّ بَعْدَ الْيَمِينِ يُقَايِلُ مُشْتَرِيَ الْجَوَارِي أو يَعُودُ وَيَشْتَرِيهِنَّ منه وَيَطَؤُهُنَّ وَلَا يَحْنَثُ‏.‏

فَإِنْ رَافَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ بِالْيَمِينِ بِوَطْئِهِنَّ أَقَامَ هو الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لم يَكُنْ وَقْتَ الْيَمِينِ في مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ‏.‏

فَإِنْ قالت له قُلْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَأَطَؤُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فَلْيَقُلْ ذلك وَيَنْوِي بِهِ الِاسْتِفْهَامَ وَلَا يَنْوِي بِهِ الْحَلِفَ فَلَا يَحْنَثُ ذَكَرَ ذلك صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ تَابَعَهُ‏.‏

قلت وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عليه إذَا كان الْحَالِفُ مَظْلُومًا على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِنَا أبي حَكِيمِ قال حكى أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ رضي اللَّهُ عنه عن رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ لَا يُفْطِرَ في رَمَضَانَ فقال له اذْهَبْ إلَى بِشْرِ بن الْوَلِيدِ فَاسْأَلْهُ ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي فَذَهَبَ فَسَأَلَهُ‏.‏

فقال له بِشْرٌ إذَا أَفْطَرَ أَهْلُك فَاقْعُدْ مَعَهُمْ وَلَا تُفْطِرُ فإذا كان السَّحَرُ فَكُلْ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم هَلُمُّوا إلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ فَاسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى‏.‏

وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ من هذه الْمَسْأَلَةِ كِفَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ‏.‏

بَابُ‏:‏ الشَّكِّ في الطَّلَاقِ

فوائد‏:‏

إحداها قَوْلُهُ إذَا شَكَّ هل طَلَّقَ أَمْ لَا لم تَطْلُقْ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ الْوَرَعُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ‏.‏

فَإِنْ كان الْمَشْكُوكُ فيه رَجْعِيًّا رَاجَعَ امْرَأَتَهُ إنْ كانت مَدْخُولًا بها وَإِلَّا جَدَّدَ نِكَاحَهَا إنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها أو قد انْقَضَتْ عِدَّتُهَا‏.‏

وَإِنْ شَكَّ في طَلَاقِ ثَلَاثٍ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَتَرَكَهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ نِكَاحُهَا‏.‏

وَأَمَّا إذَا لم يُطَلِّقْهَا فَيَقِينٌ نِكَاحُهُ بَاقٍ فَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو شَكَّ في شَرْطِ الطَّلَاقِ لم يَلْزَمْهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مع شَرْطٍ عَدَمِيٍّ نحو لقد فَعَلْت كَذَا أو إنْ لم أَفْعَلْهُ الْيَوْمَ فَمَضَى وَشَكَّ في فِعْلِهِ‏.‏

وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شيئا ثُمَّ نَسِيَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عن الْبِرِّ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَجَهِلَهَا وَشَكَّ هل هِيَ طَلَاقٌ أو ظِهَارٌ فَقِيلَ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا‏.‏

قال في الْفُنُونِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تُخْرِجُ الْمُطَلَّقَةَ فَيَخْرُجُ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ لَغْوٌ قَدَّمَهُ في الْفُنُونِ كَمَنِيٍّ وُجِدَ في ثَوْبٍ لَا يُدْرَى من أَيِّهِمَا هو وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ من حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ جَهِلَهَا‏.‏

يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَغْوٌ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ رَجُلٌ حَلَفَ بِيَمِينٍ لَا أَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ هِيَ قال لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْت دَرَيْت أنا‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فقال وَالْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ‏.‏

قال في رِوَايَةِ ابن منصور في رَجُلٍ حَلَفَ بِيَمِينٍ لَا يَدْرِي ما هِيَ طَلَاقٌ أو غَيْرُهُ قال لَا يَجِبُ عليه الطَّلَاقُ حتى يَعْلَمَ أو يَسْتَيْقِنَ‏.‏

وَتَوَقَّفَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى‏.‏

وفي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يُقْرَعُ فما خَرَجَ بِالْقُرْعَةِ لَزِمَهُ قال وهو بَعِيدٌ‏.‏

وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ كل يَمِينٍ شَكَّ فيها وَجَهِلَهَا ذَكَرَهُمَا ابن عقِيلٍ في الْفُنُونِ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّهُ استفتى في هذه الْمَسْأَلَةِ فَتَوَقَّفَ فيها ثُمَّ نَظَرَ فإذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بين الْأَيْمَانِ كُلِّهَا الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَأَيُّ يَمِينٍ وَقَعَتْ عليه الْقُرْعَةُ فَهِيَ الْمَحْلُوفُ عليها‏.‏

قال ثُمَّ وَجَدْت عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ هذه الْيَمِينِ وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابن منصور انْتَهَى‏.‏

قلت فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وحكى عن ابن عقِيلٍ أَنَّهُ ذَكَرَ رِوَايَةً أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَرِوَايَةُ أَنَّهُ لَغْوٌ‏.‏

يُؤَيِّدُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الرِّوَايَةُ التي في قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَا نِيَّةَ كما تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ فَثَبَتَ الْيَقِينُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ في عَدَدِ الطَّلَاقِ بَنَى على الْيَقِينِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ خِلَافَ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا رَاجَعَهَا حَلَّتْ له‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ إذَا طَلَّقَ فلم يَدْرِ أَوَاحِدَةً طَلَّقَ أَمْ ثَلَاثًا لَا يَحِلَّ له وَطْؤُهَا حتى يَتَيَقَّنَ لِشَكِّهِ في حِلِّهِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ فَتُبَاحُ الرَّجْعَةُ ولم يَبُحْ الْوَطْءُ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَلِضَعْفِ هذا الْقَوْلِ لم يَلْتَفِتْ إلَيْهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَحَمَلَ كَلَامَهُ على الِاسْتِحْبَابِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ في تَعْلِيلِ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ لِأَنَّهُ قد تَيَقَّنَ سَبَبَ التَّحْرِيمِ وهو الطَّلَاقُ فإنه إنْ كان ثَلَاثًا فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بِدُونِ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ وَإِنْ كان وَاحِدَةً فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَالرَّجْعَةُ في الْعِدَّةِ لَا يَحْصُلُ بها الْحِلُّ إلَّا على هذا التَّقْدِيرِ فَقَطْ فَلَا يُزِيلُ الشَّكَّ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَيَقُّنَ سَبَبِ وُجُودِ التَّحْرِيمِ مع الشَّكِّ في وُجُودِ هذا الْمَانِعِ منه يَقُومُ مَقَامَ تَحَقُّقِ وُجُودِ الْحُكْمِ مع الشَّكِّ وَوُجُودِ الْمَانِعِ فَيُسْتَصْحَبُ حُكْمُ السَّبَبِ كما يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ ويلغي الْمَانِعُ الْمَشْكُوكُ فيه كما يلغي مع تَيَقُّنِ وُجُودِ حُكْمِهِ‏.‏

قال وقد اسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ في تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ تَيَقَّنَ التَّحْرِيمَ وَشَكَّ في التَّحْلِيلِ فَظَنُّوا أَنَّهُ يقول بِتَحْرِيمِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِمَا ذَكَرْنَا انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وكذلك قال يَعْنِي الْخِرَقِيَّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً فوقعت ‏[‏فوقع‏]‏ في تَمْرٍ فَأَكَلَ منه وَاحِدَةً مُنِعَ من وَطْءِ امْرَأَتِهِ حتى يَتَيَقَّنَ أنها لَيْسَتْ التي وَقَعَتْ الْيَمِينُ عليها وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حتى يَأْكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ‏.‏

وَتَابَعَهُ على ذلك بن الْبَنَّا‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ هِيَ بَاقِيَةٌ على الْحِلِّ إذَا لم يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ أَكَلَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَكَّ هل أُكِلَتْ أَمْ لَا أَمَّا أن تَحَقَّقَ أَنَّهُ أَكَلَهَا فإنه يَحْنَثُ وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ أَكْلِهَا لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا فِيهِمَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو عَلَّقَ الطَّلَاقَ على عَدَمِ شَيْءٍ وَشَكَّ في وُجُودِهِ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ على وَجْهَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ‏.‏

وَالثَّانِي يَقَعُ‏.‏

وَنَقَلَ مُهَنَّا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ عليه‏.‏

وَجَزَمَ بِه ابن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وَرَجَّحَه ابن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ يَنْوِي وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ وَحْدَهَا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لم يَنْوِ أُخْرِجَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ‏.‏

على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ حتى إنَّ الْقَاضِيَ في تَعْلِيقِهِ وَأَبَا مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةً لَا يَذْكُرُونَ خِلَافًا انْتَهَى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يُعَيِّنُهَا الزَّوْجُ وَذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ ابن عقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهَا في الْعِتْقِ أَيْضًا وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَرَّةً فيها في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لَا يَجُوزُ له أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا قبل الْقُرْعَةِ أو التَّعْيِينِ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَيْسَ الْوَطْءُ تَعَيُّنِيٌّ لِغَيْرِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا أَنَّ الْعِتْقَ كَذَلِكَ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالتَّعْيِينِ بَلْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى‏.‏

الثَّالِثَةُ لو مَاتَ أَقْرَعَ وَارِثُهُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ وَقَعَتْ عليها الْقُرْعَةُ بِالطَّلَاقِ فَحُكْمُهَا في الْمِيرَاثِ حُكْمُ ما لو عَيَّنَهَا بِالتَّطْلِيقِ عنهما قَالَهُ الشَّارِحُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ وَارِثُهُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ كَهُوَ في ذلك‏.‏

وَقِيلَ يَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَصْطَلِحُوا‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ تَخْرُجُ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ وَتَرِثُ الْبَوَاقِيَ كما نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ على أَنَّ الْوَرَثَةَ يُقْرِعُونَ بَيْنَهُنَّ‏.‏

وَالْمُصَنِّفُ يُوَافِقُ على الْقُرْعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ لم يَقُلْ بها في الْمَنْسِيَّةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ إذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ هو قبل الْبَيَانِ فَكَذَلِكَ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي‏.‏

وَالْإِقْرَاعُ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ هل لِلْوَرَثَةِ الْبَيَانُ مُطْلَقًا على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَإِنْ صَحَّ بَيَانُهُمْ فَعَيَّنُوا الْمَيِّتَةَ قَبِلَ قَوْلِهِمْ وَإِنْ عَيَّنُوا الْحَيَّةَ حَلَفُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ طَلَاقَ الْمَيِّتَةِ‏.‏

الْخَامِسَةُ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَتَانِ أو إحْدَاهُمَا عُيِّنَ الْمُطَلَّقُ لِأَجَلِ الْإِرْثِ فَإِنْ كان نَوَى الْمُطَلَّقَةَ حَلَفَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لم يَنْوِهَا وَوَرِثَهَا أو الْحَيَّةَ ولم يَرِثْ الْمَيِّتَةَ‏.‏

وَإِنْ كان ما نَوَى إحْدَاهُمَا أَقْرَعَ على الصَّحِيحِ أو يُعَيِّنُ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى‏.‏

فإن عَيَّنَ الْحَيَّةَ لِلطَّلَاقِ صَحَّ وَحَلَفَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ أَنَّهُ لم يُطَلِّقْهَا وَوَرِثَهَا وَإِنْ عَيَّنَهَا لِلطَّلَاقِ لم يَرِثْهَا وَحَلَفَ لِلْحَيَّةِ‏.‏

وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ لَهُمَا ما إذَا مَاتَا حتى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ‏.‏

السَّادِسَةُ لو قال لِزَوْجَتَيْهِ أو أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أو حُرَّةٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا قبل الْغَدِ طَلُقَتْ وَعَتَقَتْ الْبَاقِيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ وَلَا تُعْتَقُ إلَّا بِقُرْعَةٍ تُصِيبُهَا كَمَوْتِهِمَا‏.‏

وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في مَسْأَلَةِ الزَّوْجَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا‏.‏

يَعْنِي أَنَّ الْمَنْسِيَّةَ تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لها هُنَا وَيَحْرُمَانِ عليه جميعا كما لو اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ‏.‏

وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحِلُّ له وَطْءُ الْبَاقِي من نِسَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَيَحِلُّ له وَطْءُ الْبَوَاقِي على الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ‏.‏

فَعَلَى اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ عليه نَفَقَتُهُنَّ وَكَذَا على الْمَذْهَبِ قبل الْقُرْعَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ التي خَرَجَتْ عليها الْقُرْعَةُ رُدَّتْ إلَيْهِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قد تَزَوَّجَتْ أو تَكُونَ أَيْ الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ تَطْلُقُ الْمَرْأَتَانِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن رزين أنها تُرَدُّ إلَيْهِ مُطْلَقًا فإنه قال إنْ ذَكَرَ الْمُطَلِّقُ أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ غَيْرُ التي وَقَعَتْ عليها الْقُرْعَةُ طَلُقَتْ وَرَجَعَتْ إلَيْهِ التي وَقَعَتْ عليها الْقُرْعَةُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ طَارَ طَائِرٌ فقال إنْ كان هذا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ‏.‏

وَإِنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ ولم يَعْلَمْ حاله فَهِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ‏.‏

يَعْنِي في الْخِلَافِ وَالْمَذْهَبِ وهو صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال إنْ كان غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وقال آخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ولم يَعْلَمَاهُ لم تَطْلُقَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ إلَّا مع اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا‏.‏

نَقَل ابن الْقَاسِمِ فَلْيَتَّقِيَا الشُّبْهَةَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ فيها وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَبْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على يَقِينِ نِكَاحِهِ وَلَا يَحْكُمُ عليه بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِحِلِّ زَوْجَتِهِ شَاكٌّ في تَحْرِيمِهَا وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَكَثِيرٍ من الْمُتَأَخِّرِينَ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ إنْ اعْتَقَدَ أَحَدُهُمَا خَطَأَ الْآخَرِ فَلَهُ الْوَطْءُ وَإِنْ شَكَّ ولم يَدْرِ كَفَّ حَتْمًا عِنْدَ الْقَاضِي‏.‏

وَقِيلَ وَرَعًا عِنْدَ ابن عقِيلٍ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ إمْسَاكُهُ عن تَصَرُّفِهِ في الْعَبِيدِ كَوَطْئِهِ وَلَا حِنْثَ‏.‏

وَاخْتَارَ أبو الْفَرَجِ في الْإِيضَاحِ وابن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ في التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ فَيُقْرَعُ‏.‏

وَذَكَرَهُ الْقَاضِي الْمَنْصُوصُ وقال أَيْضًا هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ احْتِمَالًا يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِمَا‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في الْمُعْتِقِ يَعْنِي في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كان غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَإِنْ كان حَمَّامًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إذَا لم يَعْلَمْ‏.‏

لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قلت لو قِيلَ إنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ تَتَمَشَّى على كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في مَسْأَلَةِ الشَّكِّ في عَدَدِ الطَّلَاقِ وَأَكْلِ التَّمْرَةِ لَمَا كان بَعِيدًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كان غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ فقال آخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ ولم يَعْلَمَاهُ لم يَعْتِقْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ من الْعَبْدَيْنِ فَدَلَّ على خِلَافٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ هو الْقَوْلُ بِالْقُرْعَةِ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَ لو كَانَتَا أَمَتَيْنِ فَفِيهِمَا الْوَجْهَانِ‏.‏

وَقِيَاسُ الْمَنْصُوصِ هُنَا أَنْ يَكُفَّ كُلُّ وَاحِدٍ عن وَطْءِ أَمَتِهِ حتى يَتَيَقَّنَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ وَهَذَا أَصَحُّ وَقَالَهُ في الرَّابِعَةَ عَشْرَ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَعْتِقُ الذي اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ذَكَرَاهُ في بَابِ الْوَلَاءِ وَالنِّهَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَعْتِقُ الذي اشْتَرَاهُ إنْ كَانَا تَكَاذَبَا قبل ذلك‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ إنَّمَا يَعْتِقُ إذَا تَكَاذَبَا وَإِلَّا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ وهو الْأَصَحُّ وَتَبِعَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَذَكَرَ هذه وَنَظِيرَتَهَا في الطَّلَاقِ في آخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ‏.‏

فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ حتى يَتَصَادَقَا على أَمْرٍ يَتَّفِقَانِ عليه‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ وَقَعَتْ الْحُرِّيَّةُ على الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ وَإِنْ وَقَعَتْ على عَبْدِهِ فَوَلَاؤُهُ له‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قُرِعَ فَالْوَلَاءُ له كما تَقَدَّمَ مِثْلُ ذلك في الْوَلَدِ الذي يَدَّعِيهِ أَبَوَانِ وَأَوْلَى‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بين مُوسِرَيْنِ فقال أَحَدُهُمَا إنْ كان غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ وقال الْآخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ عَتَقَ على أَحَدِهِمَا فَيَمِيزُ بِالْقُرْعَةِ وَالْوَلَاءُ له‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أو قال سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُ امْرَأَتِهِ سَلْمَى طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيَّةَ لم تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ وَإِنْ ادعي ذلك دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَهُمَا وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فقال لِحَمَاتِهِ ابْنَتُك طَالِقٌ وقال أَرَدْت ابْنَتَك الْأُخْرَى التي لَيْسَتْ بِزَوْجَتِي فَلَا يُقْبَلُ منه‏.‏

وَنَقَلَ أبو دَاوُد فَمَنْ له امْرَأَتَانِ اسْمُهُمَا وَاحِدٌ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فقال فُلَانَةُ طَالِقٌ يَنْوِي الْمَيِّتَةَ فقال الْمَيِّتَةُ تَطْلُقُ‏.‏

كَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ حُكْمًا‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَقَوْلٌ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وفي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ في قَوْلِهِ لها وَلِرَجُلٍ إحْدَاهُمَا طَالِقٌ هل يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ نَادَى امْرَأَتَهُ فَأَجَابَتْهُ امْرَأَةٌ له أُخْرَى فقال أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ طَلُقَتَا‏.‏

في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهَا ابن حامد قَالَهُ الشَّارِحُ‏.‏

وَالْأُخْرَى تَطْلُقُ التي نَادَاهَا فَقَطْ نَقَلَهُ مُهَنَّا وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها لَا تَطْلُقُ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ أبي بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن الْحُسَيْنِ أَنَّهُمَا تَطْلُقَانِ جميعا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا‏.‏

وَزَعَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْمُجِيبَةَ إنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال عَلِمْت أنها غَيْرُهَا وَأَرَدْت طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا مَعًا وَإِنْ قال أَرَدْت طَلَاقَ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ وَحْدَهَا‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَقِيَ أَجْنَبِيَّةً فَظَنَّهَا امْرَأَتَهُ فقال يا فُلَانَةُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ‏.‏

أَنَّهُ إذَا لم يُسَمِّهَا بَلْ قال أَنْتِ طَالِقٌ أنها لَا تَطْلُقُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ سَمَّاهَا أو لَا‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو لَقِيَ امْرَأَتَهُ فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً عَكَسَ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفُ فقال أَنْتِ طَالِقٌ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ وَهُمَا أَصْلُ هذه الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا وَبَنَاهُمَا أبو بَكْرٍ على أَنَّ الصَّرِيحَ هل يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا‏.‏

قال الْقَاضِي إنَّمَا هذا على الْخِلَافِ في صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَهْلِيَّةِ الْمَحَلِّ وَلَا يُطْرَدُ مع الْعِلْمِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَقَعُ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْعَمَلُ على أَنَّهُ لَا يَقَعُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْمُغْنِي وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَقَعُ جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ ابن عقِيلٍ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

قال في تَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ حُكْمًا وكذا حُكْمُ الْعِتْقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَقَعُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال يا غُلَامُ أنت حُرٌّ يُعْتَقُ الذي نَوَاهُ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ لو نَسِيَ أَنَّ له عَبْدًا وَزَوْجَةً فَبَانَ له‏.‏